الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين رب يسر وأعن وتمم بخير يا كريمآل البيت
أولاً : المراد بهم :
(الآل) في اللغة: من الأَوْل، وهو: الـرجــــوع، وآلُ الرجل: أهل بيته وعياله؛ لأنه إليه مآلهم، وإليهم مآله.
المراد بآل النبي عليهم السلام
اختلف في آل بيت الرسول على قولين:
القول الأول: أنهم الذين حرمت عليهم الصدقة
وهم: بنو هاشم، وبنو عبد المطلب، أو بنو هاشم خاصة، أو بنو هاشم ومن فوقهم إلى غالب؛ وهذا القول هو اختيار الأكثرين، ولا شك أن بعضهم أخص بكونه من آل البيت من بعض، فعلي وفاطمة والحسن والحسين أخص من غيرهم.
ومن أدلة هذا القول:
1- حـــديث (غدير خمّ)
عن زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبهم، وفيه: أنه حث على التمسك بكتاب الله ورغب فـيـه، ثم قال: "وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله فـي أهــل بيتي".
فقال له حصين: "ومَنْ أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟"
قال: "نساؤه مـــــن أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده".
قـال: "ومن هـم؟".
قال: "هـم آل علي، وآل عقيل، وآل جعفـر، وآل عباس".
قال: "كل هؤلاء حرم الصدقة؟".
قال: "نعم".
وفي رواية؛ قـيـــل: "مَنْ أهل بيته؟ نساؤه؟" قال: "لا، وأيم الله، إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر، ثم يطلقـهــا فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته: أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة من بعده" رواه مسلم_2408 .
2- حديث عمر بن سلمة
قال: نزلت هذه الآيــة عـلـــى النبي: {إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} الأحزاب: آية_33 في بيت أم سلمة، فدعا النبي فاطمة وحسنًا وحسينًا فجللهم بكساء، وعلي خلـف ظـهـره فجلله بكساء ثم قال: "اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهِب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً" صحيح الترمذي_3205.
القول الثاني: أنهم ذريته وأزواجه خاصة
ومن أدلة هذا القول:
1- قوله تعالى: { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} الأحزاب: آيات_30←33 فدخـلــن في آل البيت؛ لأن هذا الخطاب كله في سياق ذكرهن، فلا يجوز إخراجهن من شيء منه.
2- ما جاء في روايات حديث الصلاة على النبي في التشهد: "اللهم صلّ على محمد وآل محـمــد" متفق عليه، قالوا: فإنه مفسر بمثل حديث أبي حميد الساعدي: "اللهم صلّ على محمد وعلى أزواجه وذريته" رواه مسلم_407، فجعل مكان الآل: الأزواج، والذرية؛ مفسراً له بذلك.
3- أن الله تعالى جعل امرأة إبراهيم من آله، فقال: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ} هود:آية_73 كما جعل امرأة لوط من أهله، فقال: {إنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إلاَّ امْرَأَتَكَ} العنكبوت:آية_33 .
ثانياً: خصائصهم ومناقبهم:
خصائصهم:
1- تحريم أكل الصدقة عليهم
قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد، ولا لآل محمد" رواه مسلم_1072.
2- إعطاؤهم خُمُس خمس الغنيمة، وخمس الفيء
قال تعالى: {واعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} الأنفال:آية_41، وقال: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} الحشر:آية_7، فإذا حرموا نصيبهم هذا أعطوا من الصدقة.
3- فضل النسب وطهارة الحسب
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفاني من بني هاشم"رواه مسلم_2276.
مناقبهم العامة:
1- مدح الله تعالى آل بيت النبي في كتابه الكريم وأثنى عليهم
قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} الأحزاب:آية_33، وقال تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} الشورى:آية_23.
عن عبد الملك بن ميسرة قال: (سمعت طاووسا يحدث عن ابن عباس رضي الله عنه أنه سَأل عن قوله تعالى: {إلا المودة في القربى} فقال سعيد بن جبير: "قربى آل محمد").
2- تخصيصهم بالصلاة عليهم
وذلك كما في التشهد في الصلاة عليه صلى الله عليه وعلى آله.
3- وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بهم
أوصى رسول الله بآل بيته. قال زَيْدٌ بْنُ أَرْقَمَ: قَامَ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا خَطِيبًا فِينَا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَوَعَظَ وَذَكَّرَ ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ؛ أَلَا يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَنِي رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبُ، وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ -فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ وقَالَ:- وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: "وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ يَا زَيْدُ؟ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟" قَالَ: "إِنَّ نِسَاءَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَلَكِنَّ أَهْلَ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ" قَالَ: "وَمَنْ هُمْ ؟" قَالَ: "هُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ جَعْفَرَ وَآلُ عَبَّاسٍ" قَالَ: "أَكُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟" قَالَ: "نَعَمْ" (رواه مسلم_2408).
وعن وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ: "أَتَيْتُ فَاطِمَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ عَلِيٍّ قَالَتْ: "تَوَجَّهَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم" فَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُهُ حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ عَلِيٌّ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ آخِذٌ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِيَدِهِ حَتَّى دَخَلَ، فَأَدْنَى عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ فَأَجْلَسَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَجْلَسَ حَسَنًا وَحُسَيْنًا كُلَُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى فَخِذِهِ، ثُمَّ لَفَّ عَلَيْهِمْ ثَوْبَهُ أَوْ قَالَ كِسَاءً، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} الأحزاب:آية_33 وَقَالَ: "اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَأَهْلُ بَيْتِي أَحَقُّ" رواه الهيثمي:معجم الزوائد_9/170.
وعن أُمَّ سَلَمَةَ تَذْكُرُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي بَيْتِهَا فَأَتَتْهُ فَاطِمَةُ بِبُرْمَةٍ فِيهَا خَزِيرَةٌ فَدَخَلَتْ بِهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهَا : "ادْعِي زَوْجَكِ وَابْنَيْكِ" قَالَتْ: فَجَاءَ عَلِيٌّ وَالْحُسَيْنُ وَالْحَسَنُ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَجَلَسُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تِلْكَ الْخَزِيرَةِ وَهُوَ عَلَى مَنَامَةٍ لَهُ عَلَى دُكَّانٍ تَحْتَهُ كِسَاءٌ لَهُ خَيْبَرِيٌّ قَالَتْ وَأَنَا أُصَلّي فِي الْحُجْرَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}. قَالَتْ: فَأَخَذَ فَضْلَ الْكِسَاءِ فَغَشَّاهُمْ بِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَ يَدَهُ فَأَلْوَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي، فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا. اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي، فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا" قَالَتْ: "فَأَدْخَلْتُ رَأْسِي الْبَيْتَ فَقُلْتُ : و"َأَنَا مَعَكُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ" قَالَ: "إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ". صحيح الترمذي_3871.
وقال صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي أُوشِكُ أَنْ أُدْعَى فَأُجِيبَ، وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ الثَّقَلَيْنِ؛ كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي؛ كِتَاب اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَعِتْرَتِي أَهْل بَيْتِي، ألا وَإِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْض" السلسلة الصحيحة_4/357
4- وإن من فضائل أهل البيت تخصيصهم بالصلاة والسلام في آخر صلاة كل عبد مسلم
والصلاة عليهم طلب الرفعة ، وعلو الدرجة لهم ، والرحمة والمغفرة.
5- ومن تعرّض لأحد من أهل البيت بالأذية فقد عرض نفسه للخطر العظيم ، والعذاب الأليم
قال صلى الله عليه وسلم: "يا بني عبد المطلب، إني سألت الله لكم ثلاثا: أن يثبت قائمكم، وأن يهدي ضالكم، وأن يعلّم جاهلكم، وسألت الله أن يجعلكم جوداء نجداء رحماء، فلو أن رجلا صفن بين الركن والمقام فصلى وصام، ثم لقي الله وهو مبغض لأهل بيت محمد دخل النار"، ولذا يحرم تحريمًا شديدًا أذية أهل البيت بالقول أو الفعل أحياءً أو أمواتا .
المناقب والفضائل الخاصة ببعض آل البيت
· "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة" السلسلة الصحيحة : 706.
· "خير نسائها مريم وخير نسائها خديجة" متفق عليه.
· "وفضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" متفق عليه.
· "فاطمة سيدة نساء أهل الجنة" متفق عليه.
· "حمزة سيد الشهداء يوم القيامة" السلسلة الصحيحة : 374 .
· من فضائل علي رضي الله عنه:
1- من العشرة المبشرين بالجنة:
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: "أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي الْجَنَّةِ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فِي الْجَنَّةِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ " صحيح الجامع_50.
2- الله عز وجل يحبه:
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ : "لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ" قَالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ : "أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟" فَقَالُوا: "يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ" قَالَ: "فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ فَأْتُونِي بِه" فَلَمَّا جَاءَ بَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ متفق عليه.
3- منزلته من النبي:
عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: خَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّا بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ. فَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ تُخَلِّفُنِي فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟" فَقَالَ:"أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي" رواه مسلم_2404.
4- حبه إيمان، وبغضه نفاق:
قال رجل لسلمان: "ما أشد حبك لعلي". قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أحب علياً فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغض علياً فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله" صحيح الجامع_5963.
وقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: "وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَيَّ أَنْ لَا يُحِبَّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضَنِي إِلَّا مُنَافِقٌ" .
5- الله ولي من والاه:
سمع الصحابة رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ: "أَلَيْسَ اللَّهُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم" قَالُوا : بَلَى قَالَ : "اللَّهُمَّ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ" السلسلة الصحيحة_4/331.
6- رجل مهدي القلب:
عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيَمَنِ قَاضِيًا فَقُلْتُ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ تُرْسِلُنِي وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ وَلَا عِلْمَ لِي بِالْقَضَاءِ؟" فَقَالَ: "اذْهَبْ فَإِنَّ اللَّهَ سَيَهْدِي قَلْبَكَ وَيُثَبِّتُ لِسَانَكَ؛ فَإِذَا جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْكَ الْخَصْمَانِ فَلَا تَقْضِيَنَّ حَتَّى تَسْمَعَ مِنْ الْآخَرِ كَمَا سَمِعْتَ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يَتَبَيَّنَ لَكَ الْقَضَاءُ" قَالَ : "فَمَا زِلْتُ قَاضِيًا أَوْ مَا شَكَكْتُ فِي قَضَاءٍ بَعْدُ" صحيح أبي داود_3582.
ثالثاً: واجبنا تجاه آل البيت
تتلخص عقيدة أهل السنة في آل البيت في أنهم يحبون المؤمنين من آل البيت:
1- ويرون أن المؤمن من آل البيت له حقان عليهم: إيمانه، وقرابته.
2- ويرون أنهم ما شرفوا إلا لقربهم من الرسول، وليس هو الذي شَرُف بهم، ويتبرؤون من طريقة الروافض، ومن طريقة النواصب، ويحفظون فيهم وصية الرسول، ولازم هذه المحبة: توليهم ونصرتهم، وهي من لوازم حفظ الوصية فيهم.
3- ويرون أنهم مراتب ومنازل، وأنهم وإن تميزوا فلا يعني أن لهم الفضل المطلق على من فضلهم في العلم والإيمان، فالثلاثة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، أفضل من علي، وإن امتاز عنهم بخصوصيات؛ لأن هناك فرقًا بين الإطلاق والتقييد.
4- وكذلك يرون تعظيم قدر أزواجه (رضي الله عنهن)، والدعاء لهن، ومعرفة فضلهن، والإقرار بأنهن أمهات المؤمنين .
قال ابن كثير رحمه الله : "ولا ننكر الوصاة بأهل البيت، والأمر بالإحسان إليهم، واحترامهم، وإكرامهم، فإنهم من ذرية طاهرة، من أشرف بيت وجد على وجه الأرض، فخراً وحسباً ونسباً، ولا سيما إذا كانوا متبعين للسنة النبوية الصحيحة الواضحة الجلية، كما كان عليه سلفهم كالعباس وبنيه، وعلي وأهل بيته وذريته، رضي الله عنهم أجمعين".
وبيَّن الطحاوي أن البراءة من النفاق لا تكون إلا بسلامة المعتقد في آل البيت، فيقول: "ومن أحسنَ القولَ في أصحاب النبي وأزواجه الطاهرات من كل دنس وذرياته المقدسين من كل رجس فقد برئ من النفاق".
ولقد كانت حياة سلف الأمة شاهدة على رعايتهم وصية رسول الله في أهل بيته:
· قال أبو بكر رضي الله عنه: "ارقبوا محمداً في آل بيته"، يخاطب الناس بذلك ويوصيهم به، يقول: "احفظوه فيهم فلا تؤذوهم ولا تسيئوا إليهم". وقال رضي الله عنه: "والله، لَقرابة رسول الله أحب إليّ من أصل قرابتي".
· وقال عمر للعباس رضي الله عنهما: "والله، لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم؛ لأن إسلامك كان أحب إلى رسول الله من إسلام الخطاب".
هذه بعض الشواهد، وإلا فإن الأمر أكبر من هذا. كما شملت هذه الرعاية أزواجَ النبي؛ فإن أهل السنة يعرفون لهن حقّهن، فإنهن أمهات المؤمنين بنص القرآن، وأفضلهن: خديجة وعائشة. وقد كان بقية آل البيت فضلاً عن سائر الصحابة يعرفون مكانتهن؛ فقد قيل لابن عباس رضي الله عنه بعد صلاة الصبح: ماتت فلانة لبعض أزواج النبي فسجد، قيل له: "أتسجد في هذه الساعة؟" فقال: "أليس قال رسول الله (إذا رأيتم آية فاسجدوا)؟ فأي آية أعظم من ذهاب أزواج النبي؟" حسن_صحيح الترمذي_3891 وغيره.
ولما كان صحابة رسول الله يحفظون لآل البيت قدرهم، فقد كان آل البيت أيضاً يعرفون منزلة إخوانهم من الصحابة، ويقدرون صاحب الفضل منهم (رضي الله عن الجميع) ويكفي الشاهد التالي: عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "إني لواقف في قوم، فدعوا الله لعمر بن الخطاب وقد وضع على سريره، إذا رجل من خلفي قد وضع مرفقه على منكبي فقال: "رحمك الله، إن كنت لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك؛ لأني كثيرًا ما كنت أسمع رسول الله يقول: كنتُ وأبو بكر وعمر، وفعلتُ وأبو بكر وعمر، وانطلقت وأبو بكر وعمر، فإن كنت لأرجو أن يجعلك الله معهما، فالتفتّ فإذا علي بن أبي طالب" رواه البخاري_3677
فهذا هو علي رضي الله عنه الذي يرفعه الرافضة فوق منزلته، ويزعمون ظلم الصحابة له وسلبهم حقوقه،هاهو رضي الله عنه يردّ عليهم بفعله وقوله.
اللهم صلّ على النبي محمد وعلى آله وصحبه،
والحمد لله رب العالمين.
- المرفقات
- عقيدة المسلم.doc
- آل البيت
- (114 Ko) عدد مرات التنزيل 149